مثال المناضل الصلب والملتزم
اغتالت إسرائيل في الرابع عشر من شهر نيسان الجاري ،إبراهيم أبو علبة قائد كتائب المقاومة الوطنية الفلسطينية – الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية- في منطقة شمال قطاع غزة ، والذي يعد من ابرز القادة الميدانيين والكوادر العسكرية للمقاومة الفلسطينية في تلك المنطقة ، بعد ان أطلقت طائرة استطلاع إسرائيلية نحوه صاروخين ، مما أدى إلى استشهاده على الفور .
وقال ناطق باسم الجيش الإسرائيلي تعقيبا على هذا الحادث " ان اغتيال أبو علبة جاء كضربة استباقية أو عملية إحباط مسبق للجم نشاط المنظمات الفلسطينية ، الأمر الذي يشير إلى احتمال وجود تقديرات وربما معلومات لدى الجيش الإسرائيلي حول نية الجبهة الديمقراطية وفصائل فلسطينية أخرى شن هجمات عسكرية نوعية وموجعة ضد إسرائيل ، خاصة بعد الهولوكست الإسرائيلي في غزة ، الذي أدى إلى مقتل مئة وعشرين فلسطينيا غالبيتهم من الأطفال والمدنيين العزل .
لكن غالبا ما تلجأ إسرائيل إلى ذلك لتبرير عمليات الاغتيال التي تقود بها ضد نشطاء المقاومة الفلسطينية ، وخداع الرأي العام من خلال الادعاء بأنها تقوم فقط بعمليات إحباط موضعية ذات طبيعه دفاعيه لصد هجمات المقاومة الفلسطينية .
ومما لا شك فيه ان عمليات الاغتيال التي تركزت في الآونة الأخيرة في منطقة شمال غزة ، تستهدف التحضير لعدوان إسرائيلي واسع على تلك المنطقة ، بدعوى إبعاد خطر الصواريخ الفلسطينية التي تطلق على المستوطنات اليهودية المحاذية لقطاع غزة .إضافة لإرباك قوى المقاومة ، وخلق حالة من البلبلة والإحباط في الشارع الفلسطيني ، بسبب الدور المتعاظم الذي يقوم به العملاء في عمليات الاغتيال هذه .
فرغم استخدام إسرائيل لأحدث الابتكارات والوسائل التكنولوجية في محاربة الفلسطينيين ، إلا ان الدور الحاسم في مسالة الاغتيال يقع على عاتق العملاء المحليين ، الذين يقومون بالاتصال بالعدو وإبلاغه عن مكان تواجد قادة وكوادر المقاومة المنوي اغتيالهم ، والمدرجة أسماؤهم على لائحة الاغتيال الإسرائيلية .
وهذه المسالة تطرح مجددا قضية العملاء وخطورة دورهم داخل المجتمع الفلسطيني وضرورة وجود خطة وطنية شاملة لمعالجة هذه الظاهره الخطيره ، وهذه الخطة يجب ان تشمل القيام بحملة توعية شاملة في وسائل الإعلام الفلسطينية ، لتوضيح مخاطر العملاء وكيفية التخلص من الابتزاز الإسرائيلي الهادف لتجنيد المزيد من العملاء عبر استخدام شتى الوسائل والطرق .
وكذلك التعامل مع هؤلاء العملاء تبعا لخطورة دور كل واحد منهم ، وتنفيذ حكم الإعدام علانية بمن يثبت إدانته وارتكابه جرائم بحق الشعب والمقاومة الفلسطينية ،مع فتح باب التوبه لمن يرغب منهم فى ذلك.
إسرائيل تتهم الشهيد أبو علبة بالتخطيط والوقوف وراء عدد من العمليات العسكرية التي نفذتها كتائب المقاومة الوطنية ضد الجيش الإسرائيلي، والتى قتل وجرح فيها عدد من الإسرائيليين ، خاصة عملية "ايريز" البطولية التي قضت مضاجع القادة العسكريين الإسرائيليين ، بسبب الجرأة التي تميزت بها هذه العملية ،و التي تمكن فيها مقاتلو كتائب المقاومة من تجاوز للسياج الاليكتروني وكافة الإجراءات الأمنية الإسرائيلية المعقدة حول تلك المنطقة الهامة امنيا وعسكريا لإسرائيل .
والوصول إلى مكاتب الارتباط في "ايريز" وإطلاق النار داخلها والاشتباك مع قوات الجيش الإسرائيلي ، وقتل وجرح عدد من الجنود الإسرائيليين والعاملين في مكاتب الارتباط ،قبل ان يتمكن الجيش الإسرائيلي من قتل وتصفية أفراد المجموعة واعتقال بعضهم .
إضافة إلى عدد من العمليات العسكرية الناجحة الأخرى ، مثل عملية "الجدار " التي تمكن فيها مقاتلو الكتائب من إصابة سيارتي جيب عسكريتين إسرائيليتين وإصابة من بداخلهما ، قرب الجدار الاليكتروني الذي كانت إسرائيل تقوم ببنائه على حدود قطاع غزة.وعمليات زرع الألغام والعبوات الناسفة في الطرف التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي ، وعمليات إطلاق الصواريخ نحو المستوطنات اليهودية .
كان إبراهيم أبو علبة محبا لشعبه ومتفانيا في خدمة هذا الشعب ، إذ كان يرفض إطلاق الصواريخ من بين التجمعات السكنية الفلسطينية ، خشية ان يؤدي ذلك إلى وقوع ضحايا بين السكان ، حين يفقد احد الصواريخ اتجاهه ويسقط فوق العمارات والبيوت السكنية ، كما حدث عدة مرات في أوقات سابقة ، وكان إبراهيم ورفاقه يخاطرون بأنفسهم من اجل ذلك ، ويتوجهون لإطلاق الصواريخ من أماكن قريبة من الحدود الفاصلة بين قطاع غزة وإسرائيل .
لذلك كان إبراهيم أبو علبة قائدا ومناضلا محبوبا لدى أبناء المنطقة ، ويتمتع باحترام وتقدير الجماهير له ، وقد ابرز التشييع المهيب الذي حظي به الشهيد وخروج أعداد كبيرة من أبناء منطقة الشمال للمشاركة في جنازته ، حجم محبة الجماهير واحترامها له .
وكان إبراهيم وحدويا ، يرفض العمل المنفرد ويميل دائما إلى التنسيق مع الفصائل الفلسطينية الأخرى ، فكان ينسق مع كتائب شهداء الأقصى وسرايا القدس وكتائب القسام ، وكتائب أبو علي مصطفى ، وألوية الناصر صلاح الدين ، وكان يعتبر ان العمل المشترك مع القوى الأخرى الضمانة لتحقيق عمل فلسطيني مقاوم أكثر نجاعة وفاعلية في مواجهة الاحتلال ، رغم ان الحلم كان يراوده دائما بإقامة غرفة عمليات مشتركة تضم كافة القوى والفصائل الفلسطينية المنخرطة في المقاومة ضد الاحتلال .لقد كان ابراهيم ابو علبه مناضلا حزبيا صلبا ومتمرسا، لم تنل من عزيمته سنوات السجن الطويله التى امضاها فى زنازين ومعتقلات الاختلال ،ولا قسوة الجلاد التى جعلته يزداد صلابة والتصاقا بحزبه الذى اختار طريق المقاومه لدخر الاختلال واقامة الدوله الفلسطينيه المستقله وعاصنتها القدس الشريف.