دولة إسرائيل هي التجسيد المادي على أرض الواقع للصهيونية بكل قبحها وتوحشها. في الخامس عشر من مايو عام 1948 أعلنت دولة إسرائيل. وكان إعلانها بمثابة تتويج لنصف قرن من المناورات والمؤتمرات من جانب القادة الصهاينة وحلفائهم من الدول الاستعمارية الكبرى. الحلف بين الحركة الصهيونية وبين الإمبريالية كان يعكس لقاء المصالح الإستراتيجية بين دول كبرى تبحث عن كلب يحرس مصالحها المتزايدة في الشرق الأوسط بعد اكتشاف النفط واعتماده كمصدر للطاقة، وبين حركة سياسية رجعية تبحث عن حليف قوى لتحقيق مصالحها.
وباعتبار الصهيونية حركة استعمار استيطاني عنصرية، فإن تأسيسها صاحبه تطهير عرقي على نطاق واسع للشعب الفلسطيني المحتل. في عام نشوء الدولة الجديدة – 1948 – نفذت عصابات الصهيونية مذابح وحشية ضد الشعب الفلسطيني لبث الرعب في أوساطه، وإجباره على الرحيل خارج أرضه التي عاش فيها وزرعها وأكل من خيرها على مدى قرون طويلة: أشهر هذه المذابح وأكثرها وحشية مذبحة دير ياسين التي راح ضحيتها 300 فلسطيني أعزل على يد العصابات المسلحة.
ومنذ نشوء دولة إسرائيل وحتى يومنا هذا لعبت دور قلعة الرجعية والثورة المضادة في المنطقة العربية. وقد دعمتها الولايات المتحدة بلا أي تحفظ كما لم تدعم أي نظام رجعي موال لمصالحها أبدا. فإسرائيل تحصل من الولايات المتحدة على أكبر دعم اقتصادي وعسكري؛ وإسرائيل تحظى بمساندة سياسية وإعلامية قلما حظي بها نظام استعماري في التاريخ. يكفي أن نذكر أن الدولة التي تقطع أطراف الفلسطينيين، والتي تجوعهم وتحاصرهم، والتي قصفت أو غزت أو احتلت كل الدول المجاورة لها وبعض الدول الأخرى (كالعراق وتونس)؛ هذه الدولة تصور في وسائل الإعلام العالمية كواحة للديمقراطية في بحر من العنف المعادي الذي لا يجد مبررا عدا "الهمجية العربية المتأصلة"!!