من الكرك جنوباً إلى أربد شمالاً مروراً بجبل الحسين فجرش وأينما وجدت قوات عسكرية ومخيمات فلسطينية كان للجبهة الديمقراطية وقواتها مشاركتها الفاعلة , وبالرغم من عدم جدوى فتح هذا الملف الآن , إلا أن من بقوا على قيد الحياة بقيادة فصائل المقاومة وأبناء شعبنا يشهدوا على دور مناضلى الجبهة وكوادرها بقيادة دفة النضال وبالعمل العسكري المتفاني . والعميد أحمد مفرج أبو حميد حياً يرزق والعقيد جميعان أبو منديل حياً يرزق , واكبوا دور مناضلى الجبهة الديمقراطية عن قرب بأعمال مشتركة كان لمناضلى الجبهة دوراً مميزاً مقدماً فيها , وأهالي مخيمات الحسين والوحدات في عمان ومخيم سوف وغزة في جرش شواهد على هذا الدور المقدام , وشهداء الجبهة الذين سقطوا بالعشرات في تلك الفترة هم الشواهد الخالدة على دور مناضلى هذه الجبهة ...
لملمة الجراح واعادة البناء والتأهيل أهم ميزات تميز بها مناضلوا الجبهة الديمقراطية ومقاتلوها
منذ تموز 1971 حتى 6/ شباط من عام 1972 سبعة أشهر فقط . جند الجيش الإسرائيلي أول حملة عسكرية على قوات الثورة في العرقوب " القطاع الشرقي من جنوب لبنان " وكان لقوات الجبهة الدور البارز مع فصائل العمل الوطني الفلسطيني الأخرى إذ كانت قد تواجدت مع هذه القوى في شبعا والهبارية وحاصبيا وكفر شوبا والبقاع الغربي , وبهذه المعركة لا زالت التلة الواقعة على مدخل قرية كفر شوبا من جهة الشمال الشرقي والتي كانت تسمى عند الفلسطينيين بتلة الصاعقة ( دوماَ كانت قوات الصاعقة ترابط عليها ) وبعد السادس من شباط باتت تسمى باسم تلة محمود . فقد تحمل الرفيق الشهيد محمود خليفاوى على عاتقه قيادة قوات الثورة هناك لمدة ثلاثة أيام متتالية عندما احتلت القوات الإسرائيلية نهاراً التلة بعد قصفها بالمدفعية والطيران مما أدى إلي خروج مقاتلوا الثورة
منها . ليعود الرفيق محمود خليفاوى ويقود المجموعات لاحتلالها ليلاً ولثلاثة أيام متتالية لينسحب منها الطرفان ويتسلمها الجيش اللبناني على أثر اتفاقية بالوساطة بين جيش الاحتلال والجيش اللبناني .
ولم تمض سبعة شهور أخرى حتى جندت إسرائيل في السابع عشر من أيلول عام 1972 حملة عسكرية على منطقة القطاع الأوسط , لتحتل المناطق الواقعة فيه حتى بلدة قانا شرقي مدينة صور بجنوب لبنان وتسلم المنطقة للجيش اللبناني بديلاً . فكان لقوات الجبهة الديمقراطية دورها في هذه العمليات لجهة المواجهة , وكانت بلدة عيناتا الجنوبية اللبنانية عنوان لهذه المواجهة بتدمير الدبابة الوحيدة الإسرائيلية هناك على يد مقاتلوا الجبهة الديمقراطية والتوزع بشكل مجموعات صغيرة من
3-4 أفراد في الجبال لضرب العدو ليلاً فهذا ما كان من مقاتلوا الجبهة أن فعلوه وهو تكتيك يستخدم لأول مرة بتاريخ الصراع الفدائي الغوارى الإسرائيلي - الفلسطيني وكان سليماً أثبتت الحروب اللاحقة صحته .
كما أن الخروج من التجمعات السكنية واستخدام الأحراش في منطقة جنين , رشاف الطيرة , قبريحا بالتعاون مع قوات حركة فتح فقط في تلك الفترة من فصائل العمل الوطني الفلسطيني , وهو تكتيك قوات الجبهة الديمقراطية التي قدمت باستخدامه كوكبة من الشهداء : الشهيد جبر حسين المالكي من العراق , وسعيد محمد كمال الدين من مصر , وعماد درويش من عين الحلوة , شهداء هذه المعركة في عناتا ومجدل سلم وصف الهوا . هذه الشهور البسيطة استطاعت قوات الجبهة ومناضلوها لملمة جراحهم من معارك أحراش جرش في الأردن واعادة تنظيم الذات للدخول بمعارك مع المحتل من الجنوب اللبناني وبالأراضي المحتلة , وباتت هذه القاعدة لدى مناضلوا الجبهة الديمقراطية أحد أهم الأسس ببناؤها . فما أن تخرج من معركة حتى ببضعة أسابيع تستطيع أن تعيد الثقة في نفوس مناضليها وتؤمن متطلبات القتال التي فقدت . لتعيد للصراع بهجته باستعداد قواتها وحدبة مناضليها مرة ثانية وهكذا ...