في الوقت الذي يحتفل فيه عمال العالم "بعيد العمال العالمي" الذي يصادف الأول من مايو كل عام بتدشين مؤسساتهم ومصانعهم والتحضير ليوم طويل يقضونه مع أسرهم وابنائهم وسط تكريم شعبي ورسمي لدورهم في الحياة، فإن للمواطن الفلسطيني طقوسا أخرى للاحتفال والاحتفاء بذلك اليوم، فما ان يأتي الاول من مايو حتى تبدأ ألسنة العمال الفلسطينيين في سرد ما لديهم من مشاكل وهموم واطلاق سيول من الاتهامات للسلطة والحكومة باهمال قضيتهم في ظل تردي الاوضاع الاقتصادية حتى يفقد ذلك اليوم رونقه مثلما هو الحال مع عامر أحمد (37) عاما صاحب بسطة لبيع العاب الاطفال والذي وجه انتقادات لاذعة للمسؤولين الفلسطينيين.
ويقول أحمد وهو يعرض للمارة عددا من العاب الاطفال لعلهم يفكرون بشراء احداها على اعتبار انها اصبحت من الكماليات: "الوضع صعب جدا، والناس ما معها تطعم أولادها حتى تشتري الألعاب والكماليات، ما في رواتب للموظفين ولا شغل في إسرائيل ولا حتى مشاريع محلية نقدر نعيش أطفالنا منها "، وتابع احمد الذي يعول أسرة مكونة من سبعة أفراد "كنت أعمل في إسرائيل قبل اغلاق المعابر مع بداية انتفاضة الأقصى قبل نحو ستة أعوام، ومنذ ذلك الوقت لم أجد عملا محليا يساعدني او مسؤولين ينظرون الينا بعين الرحمة سوى تلك البسطة، أين الحكومة والرئاسة من معاناتنا؟! انهم في عالم آخر ولا تأخذ منهم الا الوعود والوعود الكاذبة".
هذا وتنتشر البطالة بين الفلسطينيين، وتشير إحصاءات فلسطينية حديثة إلى أن نسبة البطالة بين العمال تجاوزت 42% وأن نسبة الفقر بينهم وصلت إلى نحو 54%، ولم يخف احمد العسلي (30) عاما معاناته وتدهور أوضاع أسرته بسبب توقفه قبل نحو ستة أعوام عن العمل داخل إسرائيل، مشيرا إلى أنه فقد مصدر رزقه الوحيد ولا يجد دخلا شهريا يستطيع من خلاله أن يعول أسرته الكبيرة، منتقدا ما أسماه "نسيان العمال" من قبل الجهات الرسمية الفلسطينية، وعدم الاهتمام بقضاياهم المعيشية، وقال: "في يوم العمال العالمي (الذي يصادف الأول من مايو من كل عام).. لا يوجد عمل لدى الفلسطينيين، البطالة منتشرة والأوضاع الاقتصادية سيئة جدا والعمال مغلوبون على أمرهم ولا معين لهم"، كما طالب العسلي المسؤولين الفلسطينيين بضرورة إعطاء قضية العمال العاطلين عن العمل اهتماما أكبر، ومحاولة توفير فرص عمل لهم لكي يستطيعوا أن يكملوا حياتهم وأن يحلوا مشاكلهم المتراكمة على رؤوسهم.
ويرى أبو أكرم السكني (53) عاما أن هناك تهميشا من قبل السلطة الفلسطينية للعمال وأنها (السلطة) لم تفعل لهم الكثير وتركتهم يعانون دون أن تقف معهم وقفة جادة ومشرفة، وأشار السكني الذي كان يعمل داخل إسرائيل ويعول أسرة مكونة من 10 أفراد، إلى أن معاناة العمال العاطلين عن العمل تتجاوز كل الأحاديث ولا يستطيع الإنسان أن يقدر معاناتهم، فهم بدون عمل محلي يستطيعون أن يطعموا أولادهم من ورائه، وبدون رعاية حكومية ورسمية وبلا مساعدات دائمة"، وقال السكني: "ليس لنا إلا الله نشكو له.. شكونا كثيرا وخرجنا في مسيرات ومظاهرات نطالب بحقوقنا لكن ما حد سمع لنا وأطلقوا النار علينا أمام التشريعي العام الماضي".
من جانبه، طالب الاتحاد العام للعمال الفلسطينيين، بمناسبة اليوم العالمي للعمال، الأمم المتحدة بالوقوف أمام مسؤولياتها الإنسانية والإغاثية تجاه العمال العاطلين عن العمل "باعتبار فلسطين منطقة متضررة ومنكوبة"، وقد دعا بيان صادر عن الاتحاد " وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين إلى تطوير برامج التشغيل والمساعدات للعمال وزيادتها لتتناسب وحجم الكارثة، التي يعيشها الفلسطينيون المشتتون في أرضهم".
بدوره، أكد راسم البياري رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، أن شعوب العالم تحتفل في يوم العمال، لكن الشعب الفلسطيني يحتفل بها على طريقته الخاصة، فتأتي المناسبة والطائرات تقصف منازله، وتقتل شبابه، وتستهدف مناضليه، وتعتقل الآلاف من أبنائه، وقال البياري موجها خطابه للعالم "آن الأوان لأن ينظر العالم إلى الطبقة العمالية الكادحة بعين الرحمة، وآن الأوان لأن ينتبه إليها الجميع".
وكان مركز الاحصاء الفلسطيني قد أعلن أن الأول من مايو يطل على الشعب الفلسطيني في ظروف بالغة التعقيد من الناحية الاقتصادية، إذ أن الاقتصاد الفلسطيني في حالة حصار دولي أضيف إلى الحصار الإسرائيلي، وانسداد الأفق في إيجاد مصادر بديلة في أسواق العمل العربية، مشيرا الى معاناة السلطة الوطنية الفلسطينية من ضيق مالي شديد بسبب الظروف الصعبة والحصار وعدم قدرتها على دفع رواتب الموظفين والعمال الذين قدر عددهم بـ 666 ألف عامل في الأراضي الفلسطينية
الإثنين أبريل 28, 2008 6:10 am
