البناء الفورى لنظام سياسى ديمقراطى حقيقى وكامل فى مصر
يؤمن حزب الجبهة الديمقراطية بأن حجر الزاوية فى العمل الشاق المطلوب الآن لإنقاذ مصر من حالة التدهور الشامل الراهنة، التى تردت اليها، إنما يتمثل أولا -وقبل كل شىء- فى إنهاء النظام السياسى السلطوى اللاديمقراطى القائم حاليا، وإقامة نظام سياسى ديمقراطى حقيقى وكامل، وفق المعايير التى تعرفها النظم الديمقراطية فى العالم، وكما تؤكد ذلك مبادىء الحزب وأهدافه.
لقد عاشت مصر لما يقرب من نصف قرن فى ظل نظام سلطوى انكمشت فيه المشاركة السياسية النشطة، نظام اتسم بحكم الفرد مع التنظيم الحزبى المنفرد لما يقرب من ربع قرن، أعقبه ربع قرن آخر من الانفتاح المحدود، مع هيمنة حزب سياسى واحد - نشأ فى حضن السلطة - على كافة نواحى الحياة السياسية فى مصر. وفى خلال تلك المراحل، كان النظام رئاسيا وشخصيا تقتصر فيه مهمة المؤسسات على تأييد وتدعيم قرارات الرئيس أو الزعيم. ويغلب على أسلوب اتخاذ القرار السرية والكتمان ثم المفاجأة بالإعلان، حيث تتم اجراءات التحضير والإعداد للقرارات السياسية فى مكاتب مغلقة بعيدة عن الأضواء، ولا يعرف أحد طبيعة القائمين عليها أو شكل المناقشات حولها. فالحياة السياسية تدور حول شخص الرئيس ومن ورائه أشباح مجهولة !
وترتبت على هذه الأوضاع مفارقة بين أدوار اللاعبين على مسرح السياسة، فأصحاب القرار الحقيقى لا يظهرون على السطح، ومن يظهر فى الصورة لا تكون له - فى الغالب - سلطة حقيقية. أصحاب القرار الحقيقى هم - بعبارة أخرى- أشبه بالأشباح التى نسمع عنها ولا نعرفها، هناك أجهزة الرقابة والمخابرات والأمن وربما أيضا بعض كبار المسئولين فى القوات المسلحة، كما يبدو أن لبعض رجال الأعمال دورا لا يستهان به. أما الوزراء والنواب وأعضاء الحزب، فإنهم يستكملون الشكل باتخاذ القرار أو الموافقة أو التأييد أو حتى التصفيق . ومن هنا، ظل العمل السياسي الحقيقى يتم في غرف مغلقة بين أفراد غير معروفين - بالكامل أو حتى غير معروفين بالمرة - ولا يتحملون بالتالى المسئولية. وغلبت على القرارات السياسية اعتبارات الأمن وتوزان القوى بين هذه المراكز بأكثر مما خضعت للمناقشة و الحوار. من هنا، تبرز حاجة ملحة لتنظيم كيفية اتخاذ القرارات السياسية.
إزاء ما تقدم، فإن من المنطقى تصور أن الإصلاح السياسى يتطلب "فترة انتقالية" محدودة يتم فيها تنقية الأجواء وكشف المستور وإعادة الأوضاع الطبيعية، وهذه الفترة يجب أن تتسم بغلبة دولة القانون، والشفافية، والمساءلة. وقد يصلح فى هذه الفترة الانتقالية المؤقتة العودة إلى دستور 1923 بعد تعديل نصوص الملكية بنصوص جديدة للجمهورية بعد إجراء الاستفتاء شعبى حوله. أما الوضع الدستورى الدائم الذى يضع الاساس لنظام ديمقراطى حقيقى متكامل، فينبغى ألا نتسرع فيه قبل أن تتم تنقية الأجواء غير الصحية الموروثة عن فترة طويلة لم تمارس فيها الحياة الدستورية أو الديمقراطية السليمة.
إن هذا التأكيد من الحزب على أولوية بناء النظام الديمقراطى فى مصر ينطوى على إيمان راسخ بأن اقامة نظام سياسى ديمقراطى هو المدخل الطبيعى والمنطقى للاصلاح فى كافة الميادين الأخرى الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية ... إلخ. فالنظام الديمقراطى هو الذى يضمن أن توضع السياسات العامة على أفضل نحو، وبواسطة أكفأ العناصر والخبرات، ويضمن أن يتم تنفيذ هذه السياسات بأكفأ الأساليب، مع تجنب إهدار الموارد أو استشراء الفساد.
ويرى الحزب أن إقامة النظام السياسى الديمقراطى المنشود فى مصر، تستلزم :
أولا- إنهاء بعض الأوضاع أو القوانين أو المؤسسات المعوقة للتطور الديمقراطى، والتى لا تتناسب على الاطلاق مع ضرورات ذلك التطور، وفى مقدمة ذلك:
أ- إلغاء حالة الطوارىء، وإعادة النظر فى الشروط التى توجب فرضها، ووضع حدود للمدة التى تفرض فيها. وكذلك إعادة النظر فى قانون الطوارىء بما يقصره على حالات استثنائية واضحة، مثل مكافحة الإرهاب، ومواجهة مخاطر جسيمة مؤكدة ضد الوطن.
ب- الغاء كافة القوانين الاستثنائية المقيدة للحريات، وكذلك إلغاء كافة المحاكم الاستثنائية، بحيث يحاكم المواطن فقط أمام قاضيه الطبيعى، مع توافر كافة ضمانات العدالة له.
ج- إلغاء جهاز مباحث أمن الدولة، فالأصل فى الشرطة أنها جهاز مدنى يكلف بالحفاظ على النظام العام، وحماية أمن المواطنين، والسهر على احترام وتطبيق القانون، فضلا عما تقوم به من مهام مدنية أخرى مثل إصدار التراخيص، وجوازات السفر، وضبط وتنظيم المرور ... إلخ. كما إن من المسلم به أن كفاءة أداء الشرطة لعملها تستلزم تحصين قطاع منها بدرجة من السرية تتيح له العمل فى مجال التحريات والبحث الجنائى.
غير أن الشرطة المصرية عرفت أيضا -منذ أيام الاحتلال البريطانى لمصر، وفى فترة ما بين الحربين -إنشاء جهاز فيها يختص بمراقبة النشاط السياسى للقوى وللأحزاب والجماعات التى ينظر إليها على أنها "متطرفة"، خاصة الشيوعيين والإخوان المسلمين. ومع أن ممارسات هذا الجهاز كانت موضعا للرفض الشعبى قبل الثورة، إلا انه استمر بعد الثورة، ثم تم تطويره تحت مسمى جهاز "أمن الدولة". ولسنا هنا فى حاجة إلى لفت الانظار إلى أن هذا الجهاز قد استفحلت سلطاته، خاصة فى العقدين الماضيين، فى ضوء التدهور المتزايد، ليس فقط للمؤسسات والأحزاب السياسية، وإنما أيضا للأجهزة الحكومية والبيروقراطية، وبات النفوذ المتعاظم لجهاز مباحث أمن الدولة فى كافة القطاعات، بدءا من الحكومة والإدارة المحلية بكافة مستوياتها .. وحتى النقابات، والجامعات، والاتحادات الطلابية، والجمعيات الأهلية، فى مقدمة مصادر القلق والخوف لدى المواطنين جميعا، خاصة وأن تلك السطوة للأجهزة الأمنية صاحبها تدهور غير مسبوق فى أداء كافة القطاعات فى مصر.
إننا نعتقد أن التطور الديمقراطى الجاد والحاسم للمجتمع المصرى يستلزم -فى مقدمة متطلباته- إلغاء جهاز مباحث أمن الدولة، والعودة بالشرطة -بما فيها جهاز المباحث العامة- لواجباتها الأساسية فى حماية أمن المواطنين وسلامتهم، والسهر على احترام القانون، والنظام، وإعادة الانضباط والطمائنية للمجتمع المصرى.
إننا نؤمن بأنه لا مكان على الاطلاق -فى النظام الديمقراطى الحقيقى الذى ننشده لمصر- لأى جهاز، أو مؤسسة تتعقب المواطن المصرى أو تراقبه، فضلا عن أن ترهبه أو تحاسبة أو تعاقبه بسبب معتقداته أو أفكاره أو توجهاته أو انتماءاته السياسية أو المذهبية أو الدينية.
ذلك وضع مشين لا يليق بمصر، ولا ينسجم مع روح الديمقراطية وأصولها! وبالمثل، فان هناك حاجة لاخضاع جهات الرقابة الاخرى من مخابرات، أو رقابة ادارية أو غير ذلك لنوع من المساءلة امام البرلمان، بما فى ذلك المحاسبة الكاملة عن النواحى المالية فيما يتعلق بأوجه، انفاق هذه المؤسسات .
ثانيا- وضع دستور جديد لمصر على أسس ومبادىء ديمقراطية ليبرالية كاملة:
يرى حزبنا أن حجر الزاوية فى إعادة البناء الديمقراطى للنظام السياسى فى مصر يتمثل فى وضع دستور جديد على أسس ومبادىء ديمقراطية ليبرالية، واضحة وقاطعة، على النحو الذى تعرفه الديمقراطيات المستقرة فى العالم.
ويفترض أن تقوم باعداد هذا الدستور جمعية وطنية ممثلة لكافة القوى الاجتماعية، والتيارات السياسية فى المجتمع المصرى، تستهدف فى عملها تخليص الدستور الجديد من المثالب الموجودة فى دستور 1971، والتى نشأت فى الأساس عن الرغبة فى تعظيم دور وسلطات رئيس الجمهورية وافتقاد التوازن بين السلطات وسيطرة رئيس الجمهورية على السلطة التنفيذية، فضلا عن افتقاد آليات تداول السلطة واستمرار رئيس الجمهورية فى موقعه لمدد غير محددة.
ويرى الحزب أن يأتى الدستور الجديد للبلاد محققا لعناصر البناء الديمقراطى المنشود، وفى مقدمتها:
* انفصال رئاسة الدولة عن رئاسة السلطة التنفيذية التى يباشرها مجلس الوزراءالذى يكون مسئولا بدوره أمام البرلمان ولا يستمر فى أداء مهامه إذا سحب البرلمان ثقته منه.
* يتكون البرلمان من مجلس للنواب وآخر للشيوخ، ويمارسان السلطة التشريعية، فلا يصدر قانون إلا إذا تم إقراره من المجلسين، كما يناقش موازنة الدولة ويقرها، وله أن يعدل مشروعها الذى تتقدم به الحكومة، ويحاسب الحكومة ويراقب تصرفاتها ويناقش الحساب الختامى.
* تأكيد سيادة القانون ومبدأ المواطنة، والنص على أن جميع أبناء الوطن متساوون فى الحقوق والواجبات، وأنهم أمام القانون سواء، يخضعون لحكمه العادل من دون استثناء.
* استقلال القضاء، حيث يكون مجلس القضاء الأعلى هو المختص بكافة أمور القضاة من تعيين وترقية ونقل وندب وتأديب، وفصل ميزانية القضاء عن وزارة العدل، على أن يتولى مجلس القضاء الأعلى تحديد أوجه الإنفاق بعيدا عن سيطرة السلطة التنفيذية. كما يتطلب تحقيق استقلال القضاء أن يتم تشكيل المحكمة الدستورية العليا من بين رؤساء الهيئات القضائية بحكم مناصبهم، وأن يتم اختيار النائب العام بقرار من مجلس القضاء الأعلى. ومن الضرورى استكمال استقلال القضاء باتباع التفتيش القضائى للمجلس الأعلى للقضاء، وحظر ندب أو إعارة القضاة إلى مواقع بالوزارات وهيئات السلطة التنفيذية.
* توفير ضمانات التقاضى، وإلغاء كافة صور القضاء الاستثنائى، وعدم جواز محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية.
* تأكيد الحرية الاقتصادية وآليات السوق وحرية المبادرة كأسس لتنظيم الاقتصاد الوطنى، مع تأكيد مسئولية الدولة عن تطوير سياسات اجتماعية واقتصادية تؤمن المواطنين ضد الفقر، وتضمن توزيعا عادلا للدخل القومى فى ظل استراتيجية وطنية للتنمية الشاملة والنمو الاقتصادى المطرد.
* تأكيد الحقوق والحريات المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمواطنين، وفى مقدمتها حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية، وحرية التعبير وتداول المعلومات، والإبداع الأدبى والفنى والبحث العلمى، وحرية تكوين الأحزاب والجمعيات، وحق التظاهر والإضراب السلميين فى حدود النظام والآداب العامة، والحق فى الحرية والأمان الشخصى وسلامة الجسد، والالتزام بكافة العهود والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وتأكيد عدم التفرقة أو التمييز بين المواطنين بسبب العقيدة أو النوع أو أى معيار آخر. ويتم إلغاء كافة التشريعات التى تنتقص من هذه الحقوق والحريات، والنص فى الدستور على ضمانات حماية هذه الحقوق والحريات وصيانتها من تجاوزات السلطة التنفيذية، وتحريم الاعتقال وتقييد حرية المواطنين بقرارات إدارية ومن دون صدور أحكام قضائية.
* تقييد حرية الحكومة فى إعلان حالة الطوارىء، وقصرها على حالة الحرب الفعلية والكوارث العامة فقط، وعلى أن تكون لمدة محددة، والنص على انتهائها بانتهاء مبرر إعلانها، وأن يكون للبرلمان فى أى وقت الحق فى إلغاء جميع السلطات الاستثنائية التى يكون قد منحها للحكومة كلها أو بعضها أو الحد منها، وتأكيد خضوع الحكومة للرقابة القضائية فى ممارستها للسلطات الخاصة بحالة الطوارىء.
* اعتماد "اللامركزية" كأحد العناصر الأساسية للنظام السياسى، بما تتضمنه من توسيع لصلاحيات الوحدات الاقليمية والمحلية، وأن تكون المجالس المحلية المنتخبة هى صاحبة السلطة العلىا فى نطاقها المحلى. كما ينص على أن تكون كافة مناصب المحافظين ورؤساء المدن والقرى بالانتخاب الحر المباشر، وتأكيد سلطة المجالس المنتخبة فى الرقابة على الأجهزة التنفيذية ودعم سلطتها عليها.
* إطلاق حرية التنظيمات السياسية والنقابية والجمعيات الأهلية، وإلغاء كافة القيود على حرية تأسيسها وممارستها أنشطتها فى حدود الشرعية القانونية ومبادىء الديمقراطية المؤكدة فى الدستور.
* توفير ضمانات حرية ونزاهة الانتخابات، وتأكيد حق المواطنين فى التعبير عن إرادتهم عبر صندوق الانتخابات، وإصدار قانون جديد لمباشرة الحقوق السياسية يتوافق مع المبادىء والأسس الديمقراطية المقررة فى الدستور.
* تحرير الصحافة وأجهزة الإعلام من سيطرة الحكومة، وإلغاء تملك الدولة للصحف، وإطلاق حرية إصدار الصحف، وإنشاء القنوات التليفزيونية الأرضية والفضائية والمحطات الإذاعية، ورفع كافة القيود الرقابية عليها، واقرار مبدأ متابعة وتصويب الممارسات المهنية والإعلامية بواسطة النقابات والاتحادات المهنية المرتبطة بها.
ثالثا- دعم وتمكين المؤسسات السياسية وترشيد العلاقة بينها (بناء دولة المؤسسات) .
لا يكفى وضع دستور جديد للبلاد بذاته لضمان تحقيق أهدافه، ولكن الأمر الأكثر أهمية أن يطبق هذا الدستور، وأن تحترم مبادئه وأن يتم الانتقال فعليا من السلطة الشخصية للحاكم الفرد إلى سلطة المؤسسات الدستورية، التى تنفصل عن أشخاص ممارسيها، والتى تحقق التوازن والرقابة فيما بين بعضها بعضا:
- فالسلطة التشريعية، ممثلة فى البرلمان، ينبغى أن يتأكد قيامها بناء على انتخابات حرة نزيهة، تخضع لإشراف سلطة محايدة. ويؤكد حزبنا أنه من المهم أن يكون أعضاء هذه المجالس قادرين (من حيث قدراتهم وخبراتهم) على القيام بوظائفهم التشريعية والرقابية على أفضل نحو ممكن، وأن تتوافر لهم الضمانات والحصانات التى تكفل تعبيرهم عن آرائهم بكل حيدة وموضوعية. كما ينبغى أن تتوافر لدى كل عضو فى البرلمان، ولجانه المتخصصة، الإمكانات البشرية والمادية، ووحدات البحوث والمعلومات التى تتيح لهم الاطلاع على كافة البيانات والحقائق، سواء المتعلقة بالاداء الحكومى أو غيره، مما يمكنهم من المناقشة الواعية لمشروعات القوانين، واقتراحها، وكذلك الرقابة الفعالة على أداء الحكومة وأجهزة الحكم المحلى.
- والسلطة التنفيذية، التى تتمثل بشكل خاص فى الحكومة ووزارائها ووحداتها المختلفة يجب أن تتمتع بأكبر قدر من الكفاءة والفاعلية. ويرى حزبنا ضرورة مراجعة وتطوير نظم اختيار وتعيين وترقية العاملين المدنيين، والعناية بتدريبهم وتطوير مهاراتهم، كما يشدد -من ناحية أخرى- على ضرورة تحقيق الشفافية فى عمل الأجهزة الحكومية، وخضوعها للرقابة، بما يضمن حسن أدائها لعملها، وتخليصها من أمراض الرشوة والفساد والمحسوبية.
- كذلك، فإن استقلال السلطة القضائية، وتوافر كافة الضمانات لحيدتها ونزاهتها هما مطلب أساسى ولا غنى عنه لقيام نظام ديمقراطى حقيقى. والسلطة القضائية الفاعلة والمستقلة هى القادرة على التطبيق الفعلى لمبدأ سيادة القانون الذى يفترض ألا يستثنى منها فرد أو سلطة. ولذلك، فإن حزبنا يرفض أى توجهات -مباشرة أو غير مباشرة- للحد من استقلال السلطة القضائية، أو التأثير على أعضائها، أواستمالتهم أو ترهيبهم.
رابعا- حرية تكوين الأحزاب السياسية :
لا يمكن أن تتم أى ممارسة ديمقراطية ليبرالية حقيقية بدون وجود أحزاب سياسية قوية وفاعلة، ولذلك يؤمن حزبنا بضرورة إطلاق حرية تكوين الأحزاب السياسية، وإزالة كافة المعوقات التشريعية والإدارية المانعة لذلك، وفى مقدمتها ما يسمى ب- "لجنة شئون الأحزاب"، على أن يصير الحزب قائما وشرعيا بمجرد إخطار الجهة الإدارية المختصة وفقا للقانون. ويجوز للجهة الإدارية الاعتراض على تأسيس حزب ما فى غضون مدة لا تزيد على ثلاثين يوما فى حالة تعارض أهدافه ومبادئة وبرامجه، تعارضا صريحا، مع القيم والمعايير الأساسية التى يحددها الدستور. ويفترض أن يتمتع الحزب بكافة الحقوق، وأن يزاول كافة المهام والوظائف المتصور قيامه بها بمجرد إعلان وجوده!
خامسا- تطوير النظام الانتخابى :
يرى حزب الجبهة الديمقراطية أن هناك ضرورة ملحة لبحث النظم الانتخابية المختلفة، وتقييم التجارب السابقة فى مصر، سواء أكانت انتخابات فردية، أم انتخابات بالقوائم النسبية أو المطلقة، على أن تشترك فى تلك الدراسة كافة الأحزاب والقوى السياسية، وكذلك أساتذة القانون الدستورى والعلوم السياسية، بما يؤدى إلى الاتفاق على النظام المقترح، والذى ينبغى أن يتم التصديق عليه من خلال استفتاء شعبى.
وفى الوقت نفسه، فإنه من الضرورى فصل جميع الهيئات والآليات ذات الصلة بأعمال الانتخابات والاستفتاءات واستفتاءات الرأى العام عن السلطة التنفيذية، وأن تقوم على تلك الشئون هيئة وطنية مستقلة تماما عن السلطة التنفيذية وعن رئاسة الدولة وأن ينص على ذلك فى الدستور الجديد، على أن ينظم تشكيلها وطريقة عملها بقانون خاص.
وفى هذا الإطار، يشدد الحزب على ضرورة رفع يد الشرطة والأجهزة الأمنية وكافة وحدات السلطة التنفيذية عن أعمال الانتخابات، وإزالة كافة المعوقات التى تحول بين المواطنين وممارسة حقوقهم السياسية وواجباتهم الانتخابية، وتأكيد الأشراف القضائى التام على العمليات الانتخابية، بدءا من القيد فى الجداول الانتخابية، وحتى أعمال الفرز وإعلان النتائج النهائية.
كما يتطلب حسن إدارة العملية الانتخابية إعادة رسم الدوائر الانتخابية وفق التقسيم الإدارى الأصلى.
سادسا- تحرير الصحافة والإعلام :
الصحافة الحرة، والإعلام الحر، هما من الدعائم الأساسية للنظام الديمقراطى، وهما التجسيد الأبرز لحرية التعبير. ويرى حزبنا أن استمرار وجود الإعلام الحكومى، والصحافة الحكومية فى مصر، فى بداية القرن الحادى والعشرين، إنما يمثل سبة عار فى جبين مصر، ليس فقط بما أصبحت تنطوى عليه من سوء فى الأداء، وفساد فى الإدارة، وفجاجة فى الرسالة الإعلامية، وإنما أيضا بما أدت إليه من تدهور مشين فى مكانة مصر الإعلامية والثقافية، على المستويين العربى والعالمى. وفى الوقت الذى تستنزف فيه تلك المؤسسات ملايين الجنيهات من موازنة الدولة، فإنها فقدت القارىء والمستمع والمشاهد المصرى، الذى انصرف إلى عشرات الوسائط الإعلامية الأخرى، التى أخذت تحيط به وتتكالب عليه، بغثها وسمينها! لقد آن الآوان لتحرير الصحافة والإعلام فى مصر، والنظر الجاد فى خطوات واساليب هذا التحرير، بدءا بالغاء وزارة الاعلام، والغاء كافة صور الرقابة الأمنية عليها!
وفضلا عن ذلك، فإن تحرير الصحافة يتأكد ليس فقط بإنهاء ملكية الدولة للصحف وانهاء علاقتها المصطنعه بمجلس الشورى، وإنما أيضا بالشفافية فى تمويلها، وبقدرة الجماعة الصحفية على تنظيم ذاتها بدون تدخل خارجى، كما يتأكد -من ناحية أخرى- بالخضوع للقانون، والمسئولية، والالتزام بأخلاقيات المهنة الصحفية، الذى تضمنه وتراقبه الجماعة الصحفية نفسها وتنظيماتها النقابية. وغنى عن البيان ان تحرير الصحافة لا يعنى بالضرورة نقلها للقطاع الخاص، ولكن هناك العديد من الآليات والأساليب التشريعية والتنظيمية التى يمكن بها تحقيق هذا الهدف.
سابعا- تحرير ودعم منظمات المجتمع المدنى :
إيمانا من حزب الجبهة الديمقراطية بأن قوة وفاعلية منظمات المجتمع المدنى، وفى مقدمتها: النقابات، والجمعيات الأهلية، والاتحادات المهنية ... إلخ عنصر أساسى وأصيل للنظام الديمقراطى، فإنه سوف يسعى بكل تصميم إلى تحرير وتدعيم تلك المنظمات بكافة الأساليب، وفى مقدمتها إعادة صياغة القوانين واللوائح التى تحكم عملها، بما يحررها من السيطرة البيروقراطية والتحكم الأمنى. كما سوف يسعى إلى معالجة قضايا تمويل هذه المنظمات (بما فيها التمويل الأجنبى) على نحو يحقق التوازن المطلوب بين الحفاظ على استقلاليتها، وعلى روح العمل التطوعى التى يفترض أنها تمثل عصب تلك المنظمات، وبين عدم حرمانها من الموارد التى تعينها على أداء رسالتها بفاعلية وكفاءة.